وترك بعض المستحبَّات: لم يُتِمَّ صلاته. ويظهر لي أنَّ المعنى الأول هو المتبادر.
وأما قوله: "وما انتقصتَ من ذلك فإنما تنقُصُه من صلاتك" فهي عند النسائي من رواية ابن عجلان عن علي بن يحيى، وابن عجلان يدلَّس؛ كما يأتي بيان ذلك في حديث الإنصات. فيُخشى أن يكون سمع الحديث بهذه الزيادة من يحيى بن علي، وقد مرَّ ما فيه.
وعلى فرض ثبوت هذه الزيادة فالانتقاص مقابل لعدم الإتمام، وقد مرَّ ما فيه.
وعلى فرض أنَّ قوله: "لا تتمُّ"، وقوله: "فإنما تنقصه من صلاتك" - على فرض ثبوتها - يُشِعر أو يدلُّ على أنه إذا ترك شيئًا مما أمره به لا تبطل صلاته، فيجب إلغاء هذا الإشعار؛ لأنه قد أمره - في جملة ما أمره به - بالفرائض القطعية إجماعًا، ومن انتقص شيئًا منها فصلاته باطلة قطعًا.
ودعوى حمل هذا على ما كان من قبيل التخفيف مردودة فإنه ساق تحت قوله: "لا تتمُّ صلاة أحدٍ منكم حتى ... " جميع الأعمال، واسم الإشارة في قوله "وما انتقصت من ذلك" يعود إلى جميع الأعمال.
وإذا قلنا: إنَّ الذي أساء فيه هذا الرجل هو عدم الاطمئنان في الركوع والسجود، بدليل رواية ابن أبي شيبة = وجب أن لا يدخل ذلك فيما يشعر به قوله: "لا يتم"، وقوله: "تنقصه من صلاتك"؛ لأنه قد قال له باتفاق الروايات كلها: "ارجعْ فصَلِّ فإنك لم تصلِّ". ونفيُ الشارع للصلاة صريح في نفي وجودها الشرعي، وهو إنما يكون بصحتها. والله أعلم.