نزلت يوم الجمعة يوم عرفة؛ والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفةَ (?).
يعني: وكلاهما يوم عبادة شرعها الله تعالى للمسلمين، فيوم عرفة يوم شُرِع فيه للحجاج الوقوف بعرفات، وذكر الله تعالى، ولغيرهم الصيام، ويوم الجمعة قد تقدم العبادات التي فيه. والعبادة هي التي ينبغي عملها عند تذكُّر النِّعَم لا الزينة.
وعندي: أنَّ هذا الاعتراض من خُبْثِ المغضوب عليهم - قاتلهم الله -؛ طمعوا أن يَستزِلُّوا المسلمين إلى إحداث يخالفون به نفس تلك الآية العظيمة؛ فكبَتَهم الله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].
ولكن المسلمين- ويا للأسف - نَسُوا صومَ يوم الاثنين وما في صومه من شكر الله عزَّ وجلَّ، وما يتضمَّن ذلك من محبَّته - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إنَّ أكثرهم يجهل ذلك. ولم أرَ طولَ عمري من يصومه بتلك النيَّة، ولا مَن يذكره؛ إلاَّ أنني سمعتُ مَن يذكر الحديثَ احتجاجًا على مشروعية الاحتفال بثاني عشر ربيع الأول؛ فالله المستعان.
فأمَّا صوم يوم عاشوراء فكان من بقايا شرائع الأنبياء المتقدّمين، وجاء: أنَّه اليوم الذي أنجى الله تعالى [فيه] موسى وقومه، وغرَّق فرعون وقومه. فصامه موسى عليه السلام، وأمر بصيامه، وصامه النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرشد إلى صيامه (?)، عملاً بقول الله عزَّ وجلَّ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].