للقصواء الزِّمامَ، حتى إن رأسَها لَيصيبُ مَوْرِكَ رَحْلِه، ويقول: أيها الناس السكينةَ السكينةَ، كلَّما أتى حَبْلًا من الحِبال (?) أرخَى لها حتى تَصعَد".

وفي معنى ذلك أخبار أخرى، فأيُّ إسراعٍ يكون لناقةٍ مُنوَّقةٍ، مشنوقٍ لها الزمامُ أشدَّ الشَّنْقِ، ملتحمٍ عليها المشاةُ والركبان؟

وقد يُجاب بأن العَنَق في الأصل كما هو في "الفائق" (?): "الخَطْو الفسيح"، فالسرعة فيه من جهة سعة الخطو، لا من جهة سرعة تتابُعِه، والإبلُ بطبيعة حالها واسعةُ الخطو.

وفي "فقه اللغة" للثعالبي (?): "فصل في ترتيب سير الإبل: عن النضر بن شُميل: أولُ سيرِ الإبل الدَّبيبُ، ثم التزيُّد، ثم الذَّمِيل، ثم الرَّسِيم ... ، فصل في مثل ذلك عن الأصمعي: العَنَق من السير المُسْبَطِرّ، فإذا ارتفع عنه قليلًا فهو التزيد، فإذا ارتفع عن ذلك هو الذَّميل، فإذا ارتفع عن ذلك فهو الرَّسِيم". وقضيةُ هذا أن أول سير الإبل يسمَّى عَنَقًا.

وبعدُ، فقد عُرِف بالوصف حقيقةُ سيرِ ناقتِه - صلى الله عليه وسلم - عند الازدحام. فأما النصُّ فهو كما قال هشام فوق ذلك، كأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا وجد فجوةً أي خُلوًّا عن المزاحمين أرخَى الزِّمامَ، فتُسرِع قليلًا بطبيعة حالها. ولم يُعيِّن الصحابة مواضعَ تلك الفَجَوات؛ لأنه لا دَخْلَ لخصوص المكان فيها، وإنما المدار على الخُلوِّ من المزاحمين كما مرّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015