الطواف فيما يُزاد في المسجد، غير أنّ منهم من شرطَ أن لا يَحُول بين الطائف والكعبة بناء، ولهذا ولأن ما وراء الموضع المعروف بالمطاف الآن غير مهيّأ للطواف، ويكون فيه المصلّون والجالسون والمشاة وغيرهم فيشقُّ الطواف فيه، لِمَا ذُكر = اقتصر الناس على الموضع المعروف بالمطاف، وأصبح يضيق بهم جدًّا أيامَ الموسم، فدعت الحاجة إلى توسعته، وبلغني أنّ التوقف عن ذلك منشؤه التوقف عن تأخير مقام إبراهيم.

والبحث في مقام إبراهيم يطول، غير أنّه يمكن اختصاره بأنّ توسعة المطاف واجبة [ص 3] قطعًا عند تحقُّق الضيق كما اقتضته الآية، والأمر بتطهير الموضع للطائفين وغيرهم يستلزم الأمر بتهيئته لهم، وإبقاءُ مقام إبراهيم في مكانه يُنافِي ذلك، وليس على إبقائه حُجة تترجّح على هذه الحجة أو تُكافِئها.

والمقام: هو الحَجَر المعروف، وأصله كما في "صحيح البخاري" (?) في ذكر إبراهيم من أحاديث الأنبياء عن ابن عباس: أنّ إبراهيم عليه السلام كان يقوم عليه وهو يبني الكعبة عندما ارتفع البناء. وعلى هذا فموضعه في الأصل عند جدار البيت، وأكثر الروايات وأثبتُها أنّ عمر هو الذي أخّره إلى موضعه الآن، وقيل: أخّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: جاء الإسلام وهو في محلِّه الآن، وأيًّا ما كان فإنّما أُخّر لئلا يُضيّق هو والمصلُّون خلفه على الطائفين، كما نبّه عليه ابن حجر في "الفتح" (ج 8 ص 129) (?). فهذا المعنى هو الموجب لتأخيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015