لتحديد عرض المسعى، إلا ما ذكره الأزرقي (?) في زمانه: أنّه ذَرَع ما بين العَلَمَين الأخضرين اللّذَين يَلِيانِ المروةَ، فوجد ذلك خمسة وثلاثين ذراعًا ونصفَ ذراعٍ.
وهذا المقدار لا يستمرُّ في بقية المسعى ويظهر [كما هو ثابت] عند الأزرقي أنَّ موضع هذه الأعلام ليس من المسعى الأصلي، وإنّما هو مما حوّله المهدي العباسي إليه.
وعدمُ مجيء شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (?) وأصحابه في تحديد عرض المسعى يُشْعِر بأنّ تحديده غير مقصود شرعًا؛ وإلا لكان لتعرُّضِه لمزاحمة الأبنية أولى بالتحديد من عرفات ومزدلفة ومنى، وقد ورد في تحديدها ما ورد.
فهل يبقى المسعى كما هو، وقد ضاق بالسّاعين وأَضرَّ بهم؟ أم ينبغي توسعته؟ لأنّ المقصود هو السعي بين الصفا والمروة، وهو حاصل في المقدار الذي توسع به هذا الشارع، كما هو حاصل في هذا الشارع نفسه.
والله تبارك وتعالى عالم الغيب والشهادة لا يُكلِّف خلقَه بعبادة إلا ويُيسَّرها لهم أو يُرخِّص لمن شقّ عليه شيء منها أن يدَعَ ما شقَّ عليه، وقد أصبح السعي بحيث يضيق بالناس في أيام الموسم ويشقُّ عليهم، ولا سيَّما على النساء والضعفاء والمرضى، بل يلقَى منه الأقوياء شدّة، وسيزداد الحُجّاج إن شاء الله كثرةً سنةً بعد سنة.