وذلك أن الشيخ أحمد السوركتي (ت 1364) ألَّف رسالة صغيرة سماها "المسائل الثلاث" ضمنها الكلام على الاجتهاد والتقليد والكلام على بعض مسائل في السنة والبدعة والعقيدة، فجاء أحدهم بهذه الرسالة إلي الشيخ وطلب منه رأيه في مؤلفها وفيما ذكره، وسأله أن يكتب عن هذه المسائل فأجاب الشيخ على سؤال هذا السائل بهذا الكتاب الكبير.
وقد ألَّف الشيخ هذا الكتاب سنة 1344 أي وعمره اثنان وثلاثون عامًا، وهذا يدل دلالة واضحة على قوّته العلمية، ونزوعه إلي الاجتهاد واتباع الدليل في وقت مبكر إذا اعتبرنا أن الفترة التي قضاها عند الإدريسي ومن قبلها أيام مكثه في بلده اليمن كان فيها متقيدًا بالمذهب الشافعي، وهذا حديث يحتاج إلى بسط وتفصيل ليس هذا موضعه.
لم يطل مكث الشيخ المعلمي في إندونيسيا، فرحل إلى الهند أواخر سنة 1344 أو أوائل التي تليها؛ لأنه من المؤكد أنه وصل الهند سنة 1345 وبدأ في هذه السنة عمله في دائرة المعارف العثمانية في حيدراباد الدكن.
وقد يتبادر إلى الذهن سؤال: هل كانت وجهة الشيخ من عدن إلى الهند وكانت إندونيسيا مجرد محطة عبور، أم كانت الوجهة إلي إندونيسيا ثم أنشأ رحلة أخرى إلى الهند؟ هذا ما لم نجد ما يحدّده لنا من خلال ما وقفنا عليه من تراثه، لكن الذي يترجح لي أن الشيخ رحل إلى إندونيسيا قاصدًا لها لا مارًّا بها؛ لأن إندونيسيا أبعد من الهند وليست محطة في الطريق إليها. الأمر الثاني: لم يتعرض الشيخ ولا مترجموه لذكر هذه الرحلة فكأنّ الشيخ قد أسقطها من الذكر لقِصَر مدتها فلم تمثل له محطةً تستحق الوقوف عندها، والله أعلم.