أنه يردُّه أن سياق هذه الجملة هكذا: "يا معاذ بن جبل، لا تكن فتّانًا، إما أن تصلّي معي، وإما أن تخفِّف على قومك".
وذلك واضح في أن قوله: "إما أن تصلّي معي، وإما أن تخفِّف على قومك" إنما هو إرشاد إلى اجتناب ما تُخشَى منه الفتنة من التشديد.
وقد قال العلامة المحقق شبير أحمد العثماني الحنفي في "شرحه لصحيح مسلم" (?): "والظاهر من مجموع الروايات أنهم يَشْكُون تأخير معاذ في مجيئه إلى الصلاة؛ لصلاته مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى كان ينام القوم ويشقّ عليهم الانتظار، ثم قراءته السور الطويلة، وهذا صريح في سياق أحمد (يعني في مرسل معاذ بن رفاعة)، وفي بعض روايات حديث الباب: فقال الرجل: يا رسول الله، إنك أخَّرتَ العشاء، وإن معاذًا صلَّى معك، ثم أمَّنا وافتتح سورة البقرة، وإنما نحن أصحابُ نواضِحَ نعملُ بأيدينا" اهـ. "تلخيص الحبير" (ص 126) (?).
وقرر العثماني النسخَ بأن أحكام الإمامة إنما تمَّتْ على لسان الشارع شيئًا فشيئًا، فقد كانوا أولاً إذا جاء الرجل والإمام في الصلاة سأل: كم قد صلَّوا؟، فيشار إليه بذلك، فيبدأ فيصلِّي ما سُبِق به، حتى يدرك الإِمام فيوافقه فيما بقي، ثم نُسِخ ذلك وأُمِروا بالمتابعة.
وكانوا أولاً يقرؤون خلف الإِمام، ثم نُسِخ ذلك، وجُعِلتْ قراءة الإِمام قراءةً للمأموم.