وبَقِيَت بعد هذا وجوهٌ أخرى، وفي هذا كفاية إن شاء الله تعالى".
لكن يبدو أن الغلبة كانت لمن أشار إلي الإدريسي الابن، إذ قرر التخلّص من كبار مستشاري أبيه وأعوانه بمكيدة مدبّرة لإخراجهم من عاصمة الحكم إلى عدن، قال القاضي عبد الله العمودي: "ففي شهر ربيع الأول من سنة 1342 أجلى أهل مجلسه ومشورته من رجال دولته، فطلبهم الإِمام المذكور إلي مجلسه، وأوهمهم بأن يتوجّهوا إلى الحديدة لأجل النظر في الصلاحية، وقد أعطى أمرًا إلى واليه بالحديدة عبد المطلب في نفيهم وإدخالهم البحر إلى عدن، فتمّ له ذلك ... " وذكر منهم القاضي العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي العتمي. قال: "نعم، ولم يكن مقتضى لبقائهم إلا أوهام ومشورة الأحداث من أهل مجلسه الطَّغام، حتى إن جريدة صنعاء أشارت إلي هذه الحادثة باللوم، والفضل ما شهدت به الأعداء" (?).
وهذه المكيدة المفاجئة لم تُمَكِّن الشيخ من أخذ شيء من كتبه وأوراقه وباقي أغراضه، وإنما طلبها من تلك الجهة بعد ما استقرّ في الهند، كما في كتاب منه إلى الشيخ محمد نصيف مؤرخ في ذي القعدة سنة 1355.
لم يطل مكث الشيخ في عدن، إذ لم يبق فيها إلا نحو سنتين أو أقل، اشتغل فيها بالتدريس والوعظ والتأليف، فقد ألّف في هذه الفترة رسالته في "الوتر"، و"الرد على حسن الضالعي"، وانتقل في أثناء ذلك إلي مدينة "زنجبار" (?) وهي مدينة بالقرب من عدن.