والدليل منه أنه تكلّم جاهلاً فلم يأمرْهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة، مع وضوح أنّ ذلك كان بعد تحريم الكلام، كما لا يخفى من إنكارِ الصحابة ثم كلامِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا حريٌّ أن يكون مجمعًا عليه؛ لأنّ الجاهل المعذور إذا أتى مبطلاً لا يلزمه الإعادةُ، ومنه أهل قُباء الذين كانوا يصلُّون مستقبلين بيتَ المقدس فأُخْبِروا بتحويل القبلة فداروا كما هم (?) فهم قد فعلوا بعضَ الصلاةِ الى غير القبلة ولم يؤمروا بالإعادة، وأدلّة هذا كثيرةٌ، هذا في الجهل.
وأمّا السهو أو النسيانُ ففيه حديث ذي اليدين المشهور، ولفظ البخاريّ (?) فيه: عن أبي هريرة قال: صلّى بنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فساقه. ولمسلمٍ وأحمدَ وغيرهما (?) عن أبي هريرة قال: بينما أنا أصلّي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وذو اليدين هذا غير ذي الشمالين الشهيد ببدرٍ، فإنّ هذا عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحدَّث بهذا الحديث كما عند الطبراني (?).
وإسلامُ أبي هريرة وعمران بن حصين - الراوي الآخر - متأخّر عن تحريم الكلام، وكذا إسلامُ معاوية بن حُدَيج قبل موته - صلى الله عليه وسلم - بشهرين، وله حديث عند أبي داود (?) بسندٍ صحيحٍ، فيها السهو وخطاب طلحة للنّبى - صلى الله عليه وسلم - والبناء.