وغيرهما، ذكر الحديث ثم قال: "فقدمنا الشامَ، فوجدنا مراحيضَ قد بُنِيت قِبَلَ القبلة، فننحرف عنها ونستغفر الله".
قال الشافعي: "وسمع أبو أيوب الأنصاري النهي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعلم ما علم ابن عمر من استقباله بيتَ المقدس لحاجته، فخاف المأثم في أن يجلس على مرحاضٍ مستقبلَ الكعبة، وتحرَّف لئلا يستقبل الكعبة، وهكذا يجب عليه إذا لم يعرف غيره". كتاب اختلاف الحديث بهامش "الأم" (7/ 270 - 271) (?).
ومنها: أنه كذلك فهم الرواة، فأسقط بعضهم العبارة المذكورة: "إذا أتى أحدكم الغائط" كما مر في رواية أحمد والزعفراني عن ابن عيينة، وأسقط بعضهم قوله: "ببول أو غائط" كما مر عن صحيح البخاري.
فلو حملت تلك الرواية على الحقيقة لشملت من أتى مكانًا منخفضًا، فمشى فيه أو وقف أو جلس لغير قضاء الحاجة.
وتصرف بعضهم فيها، فقال بعضهم: "إذا أتى أحدكم الخلاء". وقال غيره: "إذا جلس أحدكم لحاجته". إلى غير ذلك، كما مر بعضه.
ومنها: أنه لا فرق في المعنى بين المكان المنخفض في الفضاء، وهو حقيقة الغائط لغة، وبين المكان المرتفع والمكان المستوي، بل ولا بين الفضاء والبيوت؛ لأننا إن قلنا بأن الانحراف يكفي، فواضح.
وإن قلنا: لا بد أن تجعل القبلة عن اليمين أو اليسار، وأن [هذا] قد يتعسَّر في المراحيض، فهذا لا يدفع أصل العموم؛ لأن أكثر العمومات مقيدة