المجتمع من أمور تحتاج إلى تحرير القول فيها من الناحية الشرعية، فقام بها أحسن قيام، ووقف موقفَ الفقيه الذي ينظر إلى مقاصد الشرع ويتأمل في النصوص ويستنبط منها ما فيه صلاح العباد والبلاد.

والأمر الثاني الذي نلاحظه في هذه الرسائل أنه يردُّ على من يثير الشغب في المسائل المجمع عليها، مثل ما فعل الجيراجي في كتابه "الوراثة في الإِسلام" الذي أراد أن يهدم به نظام المواريث، فانبرى له الشيخ، وألَّف في الردّ عليه، وأطال في مناقشته، وفسَّر آيات المواريث تفسيرًا صحيحًا يجلو كلَّ غبار، وينسف ما بناه الجيراجي في كتابه المذكور. وهذا يدل على غيرته وحميته للدين، ودفاعه عن القرآن والسنة وإجماع الأمة.

وهكذا ردّ في رسالته عن الربا على من يُجوِّز بعض أنواعه، مثل فائدة البنوك والبيع المسمَّى ببيع الوفاء أو بيع العهدة، وأطال المناقشة والحوار معه، وذكر مفاسدها من وجوه.

أما المسائل الخلافية مثل سنة الجمعة القبلية، وعدد الركعات في قيام رمضان، والوتر، وإعادة الصلاة، وإدراك الركعة بإدراك الركوع وغيرها، فقد تأنّى فيها الشيخ، ونظر في الأدلة الواردة في هذه المسائل، وتكلم على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا، ثم تطرَّق إلى دلالتها وبيان اختلاف العلماء فيها، ورجَّح ما رآه راجحًا دون القدح في المذاهب أو الأئمة. يقول في آخر رسالته في الوتر: "هذا ما اقتضاه قول الحق الذي أوجبه الله على كلِّ مسلم على مَبْلغِ علمه ومقدار فَهْمِه. وليس فيما قلنا غضاضة على أئمة مذهبنا، فإنهم حَفَظَة الدين وأئمة اليقين، وهم جبال العلم وبحاره، وشموس الحق وأقماره، وإنما معنا آثار فوائدهم وأسْقاطُ موائدهم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015