وفي "المسند" أيضًا (جلد 4، ص 153) (?) عن ابن جريج قال: سمعت أبا سعيد (?) يحدث عن عطاء قال: رحل أبو أيوب إلى عقبة بن عامر ... فأتى عقبة، قال: حدِّثْنا ما سمعتَ من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبق أحدٌ سمعه. قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ سَتَر على مؤمن في الدنيا ستره الله يوم القيامة". فأتى راحلته فركب ورجع. وعقبةُ بن عامر كان بمصر.
لمّا بلغتُ إلى هنا انتبهت لاتفاق عجيب، وهو أنّ الآثار التي استشهدت بها تدور على مصر، فالليث بن سعد مصري، والشافعي استوطن مصر، والأثران اللذان نقلتهما عن "المسند" كانت الرحلة فيهما إلى مصر، و"المسند" طبع مصر، وكتابا "تهذيب التهذيب" و"تعجيل المنفعة" كلاهما من تأليف الحافظ ابن حجر المصري!!
وفي "سنن أبي داود" (?) وغيرها عن كثير بن قيس قال: كنت جالسًا مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاءه رجل فقال: يا أبا الدرداء، إنّي جئتك من مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لحديث بلغني أنّك تحدّثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما جئت لحاجة - يعني غير ذلك -.
هكذا كان القوم، فأصبح أحدنا يتثاقل عن بضع خطوات يمشيها إلى عالم، أو يضنّ ببضعة أَفْلُس يبتاع بها طوابع للبريد ليكتب بها إلى عالم.