أنه كذَّب وقد بان له الصدق.
فتحصَّل من الآية أنه لا أظلم من اثنين: أحدهما: مَن افترى على الله كذبًا. الثاني: مَن كذَّب بالحق في دين الله وقت ما جاءه، وعُلِمَ من بقيَّة الآيات أن مِثْلَه مَن كذَّب بآيات الله وهي حججه الواضحة أو أعرض عنها. وخرج عن الآية مَنْ أخبر عن الله عزَّ وجلَّ بما يعتقده واقعًا وهو في نفس الأمر غير واقع، ومن جاءه الحقُّ في دين الله فنظر وتدبَّر فلم تتبيَّن الحجة فكذَّبه أو أعرض عنه.
فتبيَّن بحمد الله عزَّ وجلَّ أن الآية لا تَسُدُّ باب العذر على المخطئين. فإن قلت: خروج هذين عن الآية إنما معناه خروجهما عن الأظلميَّة، ولا يلزم من ذلك خروجهما من الظلم، قلت: نعم، ولا يستلزم دخولهَما في الظُّلم.
فإن قلت: فما حالهما؟ قلت: المخطئ إن دخل في الآية الثانية فهو على سبيلٍ مِنْ سُبُل النجاة كما عَرَفْتَ، وإلا فهو المقصِّر، فإن أدَّاه تقصيره إلى عدم التزام الإِسلام فهالكٌ لا محالة كما سلف، وأمَّا إذا كان ملتزمًا للإسلام فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
الأمر الثالث (?): قال ابن جرير: "الوُسْع: الفُعْلُ، من قول القائل: وَسِعَني هذا الأمر فهو يسعني سعةً، ويُقال: هذا الذي أعطيتك وُسْعِي، أي: ما يَتَّسِع لي أن أعطيك فلا يضيق عليَّ إعطاؤكَه، وأعطيتك من جهدي إذا