وجماعة من التابعين (?)، وتَدَبُّرها يقضي بذلك، واستثنى بعضهم آيات من أوائلها وأثنائها (?)، فعلى كلِّ حال هاتان الآياتان مَكِّيَّتَان، والقتال إنما شُرِعَ بالمدينة.

وتفسير (جاهدوا) بـ (قاتلوا) يُخِلُّ بحُسْن الكلام وبديع نظمه، بل الذي يقتضيه النظم أن يكون المراد بالجهاد هنا هو دفاع الهوى والشبهات. لمّا قضى في الآية الأولى بهلاك مَنْ افترى على الله كذبًا أوكذَّب بالحق لما جاءه، وكِلا هذين مما يدعو إليه الهوى والشبهات، فقابل ذلك في الآية الثانية بمن جاهد الهوى والشبهات في سبيل الحقِّ فرارًا من الافتراء والتكذيب، وتكفَّل الله سبحانه وتعالى لمن فعل ذلك أن يهديه سبله. والله أعلم.

وقد اعترف العضد بأن مِن قَتْلىَ الكفار مَن كان معاندًا ومَن كان مقصِّرًا، ثم زعم أن فيهم مَن بذل المجهود واستفرغ الوسع فبقي معتقدًا للكفر أو على الشكِّ (?). ومعلوم أنَّ مَنْ نظر وهو مستكبرٌ عن الحق متعصِّبٌ لما أَلِفَهُ وأدرك عليه سلفه فلم يبذل المجهود ولا استفرغ الوسع. وعليه فالمدَّعى أنَّ منهم مَنْ بذل المجهود واستفرغ الوسع راغبًا في الحق حريصًا على إصابته، فنقول: صاحب هذه الصفة مجتهد ليعرف الحق عند الله فيتبعه، فهو مجاهد في الله وهو آتٍ بما أوجبه الله عليه، فهو محسن، ومن كان كذلك فلا بدَّ أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015