بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، اللهم صل على محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا كتاب منتخبٌ في تراجم رواة الحديث، انتخب المصنف تراجمه من كتابين يُعدّان من أشهر كتب الرجال، وهما "ميزان الاعتدال" للحافظ الذهبي (ت 748 هـ)، و"تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ).
وواضح من هذا المنتخب أن المصنف قد مرّ على ذينك الكتابين قراءةً وتدبّرًا ونقدًا، مكّنه أولاً من انتخاب (321) ترجمة من آلاف التراجم، ومكّنه ثانيًا من الانتخاب من الترجمة نفسها.
فلم يعمد المصنف لاختصار الكتابين ولا لتهذيبهما، بل كان غرضه تقييد ما مرّ به في تلك التراجم من ملاحظات تفيد في التفقّه في علم الجرح والتعديل، ومعرفة مناهج الأئمة، وأسباب الطعن في الرواة، واختلاف أقوال الإمام الواحد ... وغير ذلك. ولم يقتصر عمله على مجرّد الانتخاب بل كان له تعليقات ومناقشات وفوائد مهمة، سيأتي بيان سبيله فيها.
ويأتي هذا الكتاب وغيره من كتب الشيخ في التراجم والرواة تتميمًا لدراسته الاستقرائية لرجال الحديث، فلم تتأتّ للمؤلف هذه المَلَكة القوية في الجرح والتعديل والبصر بهذا الفنّ إلا بعد طول مُثافنةٍ لكتب الفنّ دراسةً