الثالث: أن كفر المتلبِّس بالمحدثات التي الكلام فيها ليس في هذه الأزمنة من الأمور الواضحة التي يكفر مَن شكَّ أنها كفرٌ مطلقًا، فكيف مَنْ لم يشكَّ أنها كفرٌ ولكنَّه يرجو العذر لبعض مَن تلبَّس بها؟
وعلى فرض أنك أثبتَّ قيام الحجة على أحد الأجداد وامرأته وإصرارهما قبل العلوق بالولد وأنه لم يُقْنِعْكَ ما تقدَّم من الاستدلال على أن ذلك لا يمنع الحكم للولد بالإِسلام فبماذا تحكم للولد في صغره؟
إن قلتَ: أحكم أنه مرتد قيل لك: أنَّى يكون مرتدًّا ولم يُحْكَم له بالإِسلام قطُّ؟ وأصل معنى الارتداد هو الرجوع، فكيف يُقال: إنه رجع عن الإِسلام مَنْ لم يكن عليه قطُّ؟ وقد جاء عن الصحابة أنهم سَبَوْا أولاد المرتدِّين (?)، والمرتدُّ لا يُسْبَى.
وقد كان خطر لي أن أحتجّ بمعاملة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مشركي العرب معاملة الكفَّار الأصليين مع أن أسلافهم كعمرو بن لُحَيٍّ وأقرانه كانوا مرتدِّين عن شريعة إبراهيم عليه السلام، وكانت الأنساب إليهم معروفةً. ثم ظهر لي أنه قد يجاب عن هذا بأن الإِسلام شريعةٌ جديدةٌ يطالبهم باتِّباعه، حتى لو رجعوا إلى شريعة إبراهيم ولم يتَّبعوا الإِسلام لم يخرجوا من الكفر، فلا يلزم من عدم حكمه عليهم حكم المرتدين أنهم لم يكونوا في حكم المرتدِّين عن شريعة إبراهيم. ويمكن أن يناقش في هذا