وتقدم عن "الفتح" رواية "كتاب النسب" والدارمي بدون الكلمة، فرواية "كتاب النسب" لا أدري ما سندها، ورواية الدارمي فيها شيخه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وفيه كلام لكن الدارمي من المتثبّتين، وإذا كان الراوي عن كاتب الليث من المتثبّتين كالبخاريّ وأبي حاتم فهو قوي.
والترجيح مشكل، فقد يقال: إن سياق القصة يؤيد الحذف كما فسَّره في "الفتح" ونقله أبو ريَّة، لكن قد أخرج البخاريّ عن أنسٍ بنحو القصة، مع أن المتن: "من تعمّد علَيَّ كذبًا فليتبوّأ مقعده من النار". وفسَّره في "الفتح" بما يناسبه. فأنا واقف.
بقي قول المنذري: "وقد رُوي عن الزُّبير أنه قال: ... " إلخ، فذكر شاكر أن ابن سعد روى الخبر في طبقاته (3/ 1/ 74) عن عفّان ووهب بن جرير وأبي الوليد، ثلاثتهم عن شعبة ... فذكره بدون الكلمة. ثم قال: "قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير: والله ما قال: متعمّدًا، وأنتم تقولون: متعمّدًا". قال شاكر ما حاصله: إن هذا من قول وهب بن جرير ينكر على الذين رووه عن شعبة وفيه الكلمة، فمعناه: "والله ما قال شعبة: متعمدًا" إلخ.
أقول: أما ظاهر قوله: "في حديثه عن الزبير" فإنه يعطي أنّ وهبًا ذكر هذه الزيادة في كلام الزبير، لكن يُعكِّر على ذلك أنها ليست في رواية من الروايات المختلفة عن شعبة، منها رواية غندر الذي كَتَب سماعًا عن شعبة، ثم عَرَض كتابه على شعبة وصحَّحه، ولا في الروايات الأخرى التي من غير طريق شعبة. وهذا دافعٌ قويّ يدفع أن يكون من أصل كلام الزبير. فالأشبه - والله أعلم - أنّ وهبًا قالها [ص 15] من عنده كما قال شاكر، لكنه وصلها بالحديث فتوهَّهم السامع أنها منه، فهي إذًا من المُدرَج، على أنها لو فُرض