أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب بها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تُمسكُ ماءً ولا تُنبت كلأً" (?).

إذا طُبّق هذا الحديث على أهل الحديث فثقاتهم كلّهم داخلون في الفرقتين الأوليين المحمودَتَين، راجع "فتح الباري" (1: 161) (?). وفي حديث زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الترمذي وغيره: "نضَّر الله أمرءًا سمع منَّا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره، فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه" (?). فشمل الدعاء كما ترى من حَفِظ وبَلَّغ وإن لم يكن فقيهًا.

وذَكَر عن الثوري: "لو كان الحديث خيرًا لذهب كما ذهب الخير".

أقول: لم يقصد نفيَ الخير عن الحديث نفسه، كيف والقرآن خير كلُّه ولم يذهب، ولا عن طلب الحديث جملة [ص 209]، فإن المتواتر المعلوم قطعًا عن الثوري خلاف ذلك، وإنما قَصَد أنّ كثيرًا من الناس يطلبون الحديث لغير وجه الله، وذلك أنه رأى أن الرغبة في الخير المحض لم تزل تَقِلّ؛ كانت في الصحابة أكثر منها في التابعين، وفي كبار التابعين أكثر منها في صغارهم، وهلُمَّ جرًّا، وفي جانب ذلك رأى رغبةَ الناس في طلب الحديث لم تنقص، فرأى أنها ليست خيرًا على الإطلاق، يعني أن كثيرًا ممن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015