قال الله تعالى: "قد فعلتُ" (?). وقال الله تبارك وتعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5]، وقال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]. والمخطئ أولى بالعذر من المُكْره.

[ص 49] قد يقول أبو رية: كان للصحابة مندوحة عن الوقوع في الخطأ، وذلك بأن يَدَعوا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - البتة.

قلت: أنى لهم ذلك وهم مأمورون أن يبلغ شاهدهم غائبهم! كان ذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده، وكان أصحابه يبلِّغ بعضُهم بعضًا، وكانوا يتناوبون كما في "الصحيح" عن عمر: "كنت أنا وجار لي من الأنصار ... وكنّا نتناوب النزولَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلتُ جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، إذا نزل فعل مثل ذلك ... " (?).

وقد قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]. وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يبعث الرسل والأمراء ويأمرهم أن يبلِّغوا مَن أُرسلوا إليهم، ويجيء أفراد من القبائل فيسلمون ويتعلمون ويسمعون ويرجعون إلى قبائلهم فيبلغونهم. وقد علموا أنّ محمدًا رسول الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015