هل نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة الحديث؟

قال أبو ريَّة ص 23: (وقد جاءت أحاديث صحيحة وآثار ثابتة تنهى كلها عن كتابة أحاديثه - صلى الله عليه وسلم -).

أقول: أما الأحاديث فإنما هي حديث مختلف في صحته، وآخر متفق على ضعفه.

فالأول: حديث مسلم (?) وغيره عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "لا تكتبوا عنّي، ومن كتب عنّي غيرَ القرآن فليمحُه وحدِّثوا عني ولا حرج، ومَن كذَب علَيَّ - قال همام: أحسبه قال "متعمدًا" - فليتبوّأ مقعده من النار". هذا لفظ مسلم. وذكره أبو ريَّة مختصرًا، وذكر لفظين آخرين، وهو حديث واحد.

والثاني: ذكره بقوله: "ودخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث وأمر إنسانًا أن يكتبه، فقال له زيد: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن لا نكتب شيئًا من حديثه. فمحاه" (?).

وقد كان ينبغي لأبي ريَّة أن يجريَ على الطريقة التي يُطْريها وهي النقد التحليلي فيقول: معقول أن لا يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتابة أحاديثه لقلَّة الكَتبَة وقلَّة ما يُكْتَب فيه والمشقة، فأما أن ينهى عن كتابتها ويأمر بمحوها فغير معقول، كيف وقد أذن لهم في التحديث فقال: "وحدثوا عني ولا حرج"؟

أقول: أما حديث أبي سعيد ففي "فتح الباري" (1: 185) (?): "منهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015