يتمكنان به من إبرام العقد، وهو أن يختارا اللزوم، فيلزم من غير تفرق. وإن أرادا أو أحدهما الفسخَ فظاهر. وكأن أبا حنيفة لم تبلغه رواية مصرِّحة بذلك.
فإن قيل: قد يبادر أحدهما فيختار اللزوم، ويأبى الآخر أن يختار اللزوم أو يفسخ، فيتضرر المبادر؛ لأنه لا يمكنه إبرام العقد ولا فسخه.
قلت: هو المضيِّق على نفسه بمبادرته، فلينتظر التمكن من المفارقة بأن تصل السفينة إلى مرفأ، أو يطلَقا أو أحدُهما من السجن، أو يُنقل أحدُهما إلى سجن آخر، أو يبلغ المسافران حيث لا يخاف من [2/ 58] الانفراد والتباعد عن الرفقة.
فإن قيل: لكن المدة قد تطول مع جهالتها.
قلت: اتفاقُ أن يجتمع أن يبادر أحدهما، ويمتنع التفرق، وتطول المدة، وتفحش الجهالة = نادرٌ جدًّا. ويقع مثل ذلك كثيرًا في خيار الرؤية. وكذلك في الصَّرْف والسلَم وغيرها مما لا يستقر فيه العقد إلا بالقبض قبل التفرق. فمثلُ ذلك الاستبعاد إن ساغ أن يُعتدَّ به، ففي التوقف عن الأخذ بدليل في ثبوته أو في دلالته نظر. وليس الأمر ها هنا كذلك، فإن الحديث بغاية الصحة، والشهرة، ووضوح الدلالة. فهو في "الصحيحين" وغيرهما من طُرق عن ابن عمر، وصحَّ عنه من قوله وفعله ما يوافقه. وهو في "الصحيحين" (?) وغيرهما من حديث حكيم بن حزام. وصحَّ عن أبي برزة (?) أنه رواه وقضى به. وجاء