الثانية: أنه إذا كانت بحيث إذا حُرِّك أدناه اضطرب أقصاه تنجَّس، وإلَّا فلا.
ولهم في الترجيح والتفريع اختلافٌ واضطرابٌ شديدٌ جدًّا، كما تراه في كتبهم المطولة (?). واستبعد بعضهم عدمَ اعتبار العمق، فاشترطوا عمقًا واختلفوا في قدره. فقيل: أن يكون بحيث لا ينحسر بالاغتراف. وقيل: أربع أصابع، وقيل: ما بلغ الكعبين، وقيل: شِبْر، وقيل: ذراع، وقيل: ذراعان!
واختلفوا على الرواية الثانية في الحركة، فقيل: حركة المغتسل، وقيل: المتوضئ، وقيل: [2/ 8] اليد. ولم يعتبروا وقوع الحركة، وإنما ذكروها لمعرفة قدر المساحة. وسواءٌ في الحكم عندهم أكان الماء عند وقوع النجاسة وبعدها ساكنًا أم تحرَّك، وقالوا: إذا كان بالمساحة المشروطة فللمحتاج أن يستعمل من موضع النجاسة وإن لم يكن قد تحرَّك! وقالوا: إذا كانت مساحة وجه الماء تساوي القدر المشروط كفى، وإن كان دقيقًا كأن يكون طولُه مائة ذراع، وعرضُه ذراعًا! وقال محققهم ابن الهمام (?) في ترجيح الرواية الأولى: "هو الأليق بأصل أبي حنيفة، أعني عدم التحكم بتقدير فيما لم يرِدْ فيه تقدير شرعي".
أقول: والرواية الأولى فيها تحكُّم. والبول مثلًا إذا وقع في الماء ثم حُرِّك الماء خلصتْ ذرَّات البول إلى جميع الماء، كما تشاهده إذا صببتَ قارورة مداد في حوض، فقد يظهر لون المداد في الماء واضحًا، وقد يظهر