يكونوا لم يحققوا مقدار القلتين في الحديث بقلال العراق، فأجملوا. وإما أن يكون كلٌّ منهم أشار إلى ماء معيَّن، فأراد بقوله: "كذا" أي بمقدار هذا الماء المشار إليه. وقد ثبت بقولهم أنهم يرون التقدير، ولَأَنْ يُحْمَل ذلك على التقدير المنقول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى من أن يُحمَل على تقديرٍ لا يُعلَم له مستند من الشرع.
رابعها: عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ذكر أربعين قلة (?). ورُوِيَ مثله من وجه ضعيف عن أبي هريرة (?). وقيل عنه: أربعين غَرْبًا (?). وقيل: أربعين دلوًا (?). وهذا القول يحتمل معنيين: الأول المعنى المعروف لحديث القلتين. المعنى الثاني أن ما بلغ الأربعين لا ينجَس البتة، لا (?) بمخالطةِ نجاسةٍ لا تُغَيِّر أحد أوصافه لأنه قلتان وأكثر، ولا بمخالطةِ نجاسةٍ تغيَّر أحد أوصافه لأن ذلك لا يقع عادة؛ إذ لا يُعرف في ذاك العصر ببلاد العرب ماء يبلغ أربعين أو [2/ 7] أزيد تقع فيه نجاسةٌ تغيِّره.
والمعنى الأول يحتاج إلى الاستثناء من منطوقه، فيقال: إلا أن يتغير؛ ومن مفهومه فيقال: إلا بعضَ النجاسات كميتة ما لا دم له سائل. ومع ذلك لا يكون لمفهومه مستند معروف من الشرع، بل المنقول عن الشرع خلافه،