الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن كتاب "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" أهم وأكبر كتاب ألفه الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي (ت 1386) رحمه الله. وهو بأقسامه الثلاثة (الحديث- والفقه - والعقائد) يعدّ من المؤلفات النادرة المعدودة في القرون المتأخرة؛ من حيث التدقيقُ والتحقيقُ وكثرةُ الفوائد، أفصح فيه مؤلفه عن نفَسٍ عالٍ من القدرة على البحث، والتمكّن من نواصي العلوم، والبراعة النادرة فيها، والخوض في لُجَج المشكلات العلمية، وحلها بتحقيق بالغ وتجرّد نادر، يحيط بذلك ويؤازره: قوة الحجة، وإنصاف الخصم، وعلوّ الأسلوب، ولغة معتدلة في النقد والمناظرة.
وهذا الكتاب الجليل هو الذي عرّف الشيخَ المعلمي رحمه الله إلى قرّائه، فيه عرفوا قوّتَه العلمية وتحقيقه النادر، إذ إنه لم يطبع من كتبه في حياته إلا ثلاثة كتب هي (طليعة التنكيل، والأنوار الكاشفة، ومقام إبراهيم) الأول والثالث كتابان لطيفان، و"الأنوار" جرى فيه أيضًا على الاختصار وردّ الشُّبَه بلا توسع بل بما يكفي في رد الشبهة.
ولم يطبع كتاب "التنكيل" في حياة مؤلفه، بل بعد وفاته في سنة 1386 هـ وهي السنة التي توفي فيها، مع أنه كان قد انتهى منه في حدود سنة 1370 هـ, بدليل أن "طليعتَه" طبعت سنة 1368 هـ، وذكر فيها أن كتاب "التنكيل" على وشك التمام.