حاصل المثال أن ابن الجنيد قال: سُئل يحيى بن معين وأنا أسمع عن مُؤمّل بن إهاب، فكأنه ضعَّفه.
فقال الأستاذ في "التأنيب" (?) في مؤمل: "ضعفه ابن معين".
فقال في "الترحيب" (ص 45) [ص 49]: "على أن الذاكرة قد تخون في استذكار المعنى الحرفي، فقول القائل: "كأنه ضعفه" لا يفرُق كثيرًا من قوله: "ضعّفه"، لكون الحكم على الأحاديث بالصحة والضعف، وعلى الرجال بالثقة أو الضعف - في أخبار الآحاد - مبنيًّا على ما يبدو للناقد، لا على ما في نفس الأمر.
فظهر أن ذلك [عبارة عن] (?) غلبة الظن فيما لا يقين فيه، وسبق أن نقلنا عن أحمد في "الرمادي": "كأنه يغيّر الألفاظ"، وقد بنى عليه الذم الشديد".
أقول: لا يخفى ما في هذا من التعسُّف، فإنه مما لا يخفى!
فإن الخبر شرط صحته الجزم، فهل للأعمى الصائم إذا سأل بصيرًا عن غروب الشمس، فقال البصير: "كأنها قد غربت" = أن يفطر؟!
وهل على من عهد ثوبًا طاهرًا فقال له قائل: "كأنه وقد تنجَّس" أن يعدّه نجسًا؟!
وهل لامرأة غاب عنها زوجها مدة، فلقيها ثقتان - مثلًا - فقالا (?): "كأنه قد مات" أن تعتد وتتزوج؟!