بل مدار السنة عليهم وعلى مَنْ هو مثلهم أو دونهم. فكيف يُعْقَل أن يزعم يعقوب أنه لا يحتج بهم؟!

وأما ثانيًا: فالعبارة بظاهرها - فضلًا عن حقيقتها - لا تعطي هذا المعنى، إذ لا يلزم من كون الراوي ليس بحجة أن لا يكون ثقة؛ لأن كلمة "حجة" أبلغ من كلمة "ثقة"، وقولهم: "فلان ليس بحجة"، وإن كانت معدودةً من صيغ الجرح، فليس مثلها قولهم: "فلان ثقة وليس بحجة".

وقد قال عثمان بن أبي شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس: "ثقة وليس بحجة" (?).

وروي عن أبي داود أنه سُئل عن رجل فوثقه، فقيل له: هو حجة؟ قال: الحجة أحمد بن حنبل (?). ولا يخفى أن أبا داود يحتج بكثير جدًّا من الرواة غير أحمد بن حنبل.

وأما ثالثًا: فالذي يظهر من فحوى العبارة - مع ما قدمته - أن يعقوب لم يرد بقوله: "أتخذه عند الله حجة" الاحتجاج بروايته، وإنما أراد بها الاقتداء في العقيدة، والهدي، والسيرة، والفقه، والورع.

هذا، ولو وفق الأستاذ لما لا يبعد عن الصواب ذاك البعد، لقال: عبارة يعقوب إنما تعطي [ص 30] أن العدد الذي ذكره من شيوخه "ألف شيخ وكسر" ثقات، ولا يلزم من ذلك أن يكون شيوخه كلهم ثقات؛ أما أولاً: فلأن العدد لا مفهوم له، فقوله: "كتبت عن ألف شيخ وكسر" لا يلزم منه أنه لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015