لصاحبه، ويردُّ معه سائر رواياته؛ فهذا موافق للمعنى الأول، ولا تظهر موافقته لعبارة الجوزجاني. وإن كان معناه رد ذلك الحديث اتهامًا لرواية فيه، ومع ذلك يبقى مقبولاً فيما عداه؛ فليست عبارة الجوزجاني بصريحة في هذا ولا ظاهرة فيه كما مرَّ، وإنما هو قول ابن قتيبة.
وسياق كلام ابن حجر - ما عدا استناده إلى قول الجوزجاني - يدل على أن مقصوده ردّ الراوي مطلقًا، أو رد ذاك الحديث وسائر روايات راويه، وذلك لأمور، منها: أن ابن حجر صرَّح بأن العلة التي رد بها حديث الداعية واردة في هذا، وقد قدَّم أن العلة في الداعية هي "أن تزيين بدعته قد يحمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه". ومن كانت هذه حاله فلم تثبت عدالته - كما تقدم - فيردّ مطلقًا. ومنها: أن هذه العلة اقتضت في الداعية الردّ مطلقًا فكذلك هنا، بل قد يقال على مقتضى كلام ابن حجر: هذا أولى، لأن الداعية يردّ مطلقًا، وإن لم يَروِ ما يوافق بدعته، وهذا قد روى.
هذا، وقد وثَّق أئمة الحديث جماعةً من المبتدعة، واحتجوا بأحاديثهم، وأخرجوها في الصحاح. ومن تتبع رواياتهم وجد فيها كثيرًا مما يوافق ظاهرُه بدَعَهم. وأهلُ العلم يتأوّلون تلك الأحاديث غير طاعنين فيها ببدعة راويها، ولا في راويها بروايته لها (?). بل في رواية جماعة منهم أحاديث