الحكايات عن الشيوخ الذين أدركهم مُكرم، فرواها مُكرمٌ عنهم. وهذا الوجه الثالث هو الموافق لظاهر سؤال الأزهري للدارقطني وجواب الدارقطني، لكن يدفعه توثيق الخطيب لمُكْرم، وأنه لم يذكره أحد في "الضعفاء"، والوجه الثاني أيضًا موافق لظاهر سؤال الأزهري وجواب الدارقطني، وهو أدنى أن [ص 66] لا يدفعه ما يدفع الثالث.
وعلى كلّ حال فلم ينحلّ الإشكال، فدعه وافرض أن الراجح هو الوجه الأول، وأن هذه الرواية صحيحة عن عمر بن إسحاق بن إبراهيم، فمن عمر هذا؟ ومن شيخه؟ أموثَّقان هما عند الخطيب كما زعم الأستاذ؟
أما أنا فقد فتشت "تاريخ بغداد" فلم أجدهما فيه، لا موثَّقَين ولا غير موثَّقَين، بل ولا وجدتهما في غيره، نعم في غيره علي بن ميمون الرّقِّي يروي عن بعض مشايخ الشافعي ونحوهم، وهو موثَّق، لكن لا تُعرف له رواية عن الشافعي، وقد راجعت "توالي التأسيس" (?) لابن حجر لأنه حاول فيها استيعاب الرواة عن الشافعي، فلم أجد فيهم علي بن ميمون لا الرّقَّي ولا غيره، انظر "توالي التأسيس" (ص 81).
هذا حال السند، ولا يخفى على ذي معرفة أنه لا يثبت بمثله شيء، ويؤكِّد ذلك حالُ القصة، فإن زيارته قبر أبي حنيفة كلَّ يومٍ بعيدٌ في العادة، وتحرِّيه قصده للدعاء عنده بعيد أيضًا، إنما يُعْرَف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها (?) بعد عصر الشافعي بمدة، فأما تحري الصلاة عنده فأبعد وأبعد.