مدَّةً ولم يتسبَّب عن حياته نفعٌ = كان من هذه الجهة كأنه لم يُخْلَق، فإنه لو لم يُخْلَق يكون الحال كذلك، أي أنه لا يوجد نفعٌ يُنسَب إلى خلقه وعيشه.

فحلُّ العبارة هكذا: كأنَّ الدنيا زائلة، أي: الآن، وكأنها إذا زالت لم تكن. ثم طُوي التشبيه الثاني، واستعيرت الصفة للدنيا، فقيل: "لم تكن" وجُعل هذا اللفظ بدل حقيقته في التشبيه الأول، فصار: "كأن الدنيا لم تكن" -أي: الآن، ثم كُني عنه على ما سمعت أولاً. وقس عليه بقية العبارة، وهي "وبالآخرة لم تَزُل".

واعلم أنك إذا قلت - وزيد غائب -: "كأنك يزيد قادم". فقد تمَّ الكلام بقولك: كأنك يزيد, لأن التقدير: كأنك متلبِّس يزيد في الحال، فقولك: "قادم" خبر لمبتدأ محذوف.

وإذا قلت - وزيد حاضر -: "كأنك يزيد مسافرًا" فلا يتم الكلام إلا بقولك: مسافرًا، فـ "مسافرًا" حال، فتدبَّرْ.

هذا تحقيق هذا التركيب، وقد أطالوا فيه بما في بعضه تخليط (?).

وتردد التقي السبكي في صحته قال: " [وقد استعملتُ في كلامي هذا: "وكأني بك" لأن الناس يستعملونه، ولا أدري هل جاء في كلام العرب أم لا، إلا أن في الحديث: "كأنَّي به"، فإنْ صحَّ فهو دليل الجواز. وفي كلام بعض النحاة ما يقتضي منعه ... "] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015