والكلام هنا في صحة مجيء "تفعل" بدون "أنت" حالاً من غير ضمير المخاطب، فإني لم أجده صريحًا في الكلام الفصيح، وإنما وجدته مع "وأنت" (?)، كقوله عزَّ وجلَّ: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50]. وأجد الذوق يستنكر أن يقال: "مررنا يزيد تحدِّثه". وقد يقال في هذا المثال: إن الواجب - على ما تقدَّم في الفائدة السابقة عن الهمع - أن يقال: "مررنا يزيد تحدَّثه أنت", ولكنني أجد الذوق لا يطمئن إلى هذه كما لا يطمئن إلى قولك: "مررنا يزيد تحدِّثانه". وإنما يطمئن إلى "مررنا يزيد وأنت تحدِّثه" أو "وأنتما تحدِّثانه". فإن صحَّ نحو "مررنا يزيد تحدِّثه" فالظاهر أنه لا يخلو من ضعف. والله أعلم.
(14) قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، وقال سبحانه: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]. وقال عزَّ وجلَّ: {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا} [آل عمران: 99]. وقال تعالى: {وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [البقرة: 85].
قوله: {تَسْتَكْثِرُ} حال من ضمير المخاطب، وكذلك {تَعْبَثُونَ}