سمى قتل أولاد من آمن كيدًا؛ لأنه تدبير محكم غريب، إذ من شأنه بحسب العادة أن يصدّ عن الإيمان, ويردّ إلي الكفر، ولم يكن قتل الأطفال معروفًا قبل.
[ص 14] وسمى الإلقاء في النار العظيمة كيدًا, لأنه تدبير محكم غريب، إذ من شأنه بحسب العادة أن يُهلك من يلقى في النار، ولم يكن مثل ذلك معروفًا قبل.
فيكفي في تقرير كيد أبرهة سَوقُه الفيلة، وقدومُه في المحرم. أما سوق الفيلة فهو تدبير محكم غريب، إذ من شأنه إدخال الرعب في قلوب العرب، إذ لم يكونوا يعرفون قتال الفيلة، وأكثرهم لم يرها قط. ولهذا طلب أبرهة من النجاشي فيله الأعظم - كما سيأتي - ليكون أبلغ في الإرهاب.
وأما قدومه في المحرم، فلأن من شأن العرب أن يتأثموا من القتال في المحرم، ويكون قدومه بعد قفول من يحج تلك السنة، فلا يبقى بمكة إلا أهلها.
ويكفي في تضليل الله تعالى لكيدهم حبسُه الفيل، فإن حبسه من شأنه أن يصدّهم عن التقدم؛ إذ يعلمون أن ذلك آية من آيات الله، فإن لم ينزجروا وقع الاختلاف والاختلال فيهم. وقد كان الأمر كذلك، فلما أصرّوا عذبهم الله عزَّ وجلَّ. وسيأتي بسط الكلام في تفسير السورة، إن شاء الله تعالى.
وأما ما ذكره من عيبهم ثقيفًا لفرارها عن حماية الكعبة، ورجمهم قبر رئيسها أبي رِغال، فلم يثبت عيب منهم لثقيف على ذلك. وإنما اغترّ المعلِّم ببيت ضِرار بن الخطّاب: