هذا, ولا يبعد أنه وقع في حكاية القصة مبالغة في تصوير احترام أبرهة لعبد المطلب. وقد قال ابن إسحاق بعد ما تقدم: "وكان - فيما يزعم بعض أهل العلم - قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة، حين بعث إليه حُناطةَ، يعمَرُ بن نُفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهو يومئذٍ سيد بني بكر، وخويلدُ بن واثلة الهذلي، وهو يومئذٍ سيد هذيل، فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم، ولا يهدم البيت، فأبى عليهم. والله أعلم أكان ذلك، أم لا" (?).

وأخرج الحاكم في "المستدرك" بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أقبل أصحاب الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب فقال لملكهم: ما جاء بك إلينا؟ ما عناك؟ ... ألاّ بعثت إلينا فنأتيك بكل شيء أردت؟ فقال: أُخبِرتُ بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا أمِنَ، فجئتُ أخيف أهله. فقال: إنا نأتيك بكل شيء تريد، فأرجع. فأبى إلا أن يدخله، وانطلق يسير نحوه. [ص 6] فتخلّف عبد المطلب، فقام على جبل، فقال: لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله، ثم قال: ... (الأبيات الدعائية محرفة). فأقبلت مثلُ السحابة من نحو البحر حتى أظلّتهم طيرٌ أبابيلُ التي قال الله عزَّ وجلَّ: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ}. قال: فجعل الفيل يعِجُّ عجًّا {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} ".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد"، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": "صحيح" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015