"أن كل من له إلمام بأخبار العرب يعرف شدة حرصهم على رواية أخبار أيامهم وحفظها وتردادها في الأسمار وتقييدها بالأشعار ... وبين أيدينا أخبارهم في حرب البسوس وحرب داحس وغير ذلك نجدها مروية بتفصيل بأسماء فرسانهم وخيلهم وقاتلهم ومقتولهم، وكيف كان القتال، وكم استمر، إلى غير ذلك من الجزئيات ... فكيف يعقل مع هذا أن يكونوا قاتلوا أبرهة، وقتلوه في المعركة، ثم لا يوجد لذلك في أخبارهم وأشعارهم أثر؟ ... " (ص 30 - 31).
- وقد ذهب المعلِّم رحمه الله إلى أن الطير أرسله الله تعالى لتطهير ناحية مكة من جيف القتلى، وقال: إن النظر في الروايات يكشف عن فريقين متباينين في تصوير هذه القصة، ثم ذكر مواضع الاختلاف، ورجح ما نسبه إلى الفريق الأول، وأيَّده مستدلاًّ بكلام العرب على أن الرمي كان من السماء والريح.
استعرض المعلمي رحمه الله الروايات المذكورة، وأثبت أن الرواة ليسوا فريقين مختلفين، وإنما وقع الاختلاف في بعض الأمور الجزئية، ورمي الطير قد أشار إليه الفريقان معًا، بل لم ينفه أحد قبل المعلِّم رحمه الله. ثم أورد من مخطوطة كتاب "المنمق" لابن حبيب (?) شعرًا فيه تصريح برمي الطير كقول نفيل بن حبيب الذي شهد الواقعة: