وفي دراسة الفلسفة والمنطق لم يقتصر الفراهي على التراث العربي، بل كان يتابع ما يصدر في الغرب من أحدث المطبوعات في الفلسفة والمنطق، ويقرؤها قراءة بحث ونقد ومقارنة. ومن ثم كان أعلم الناس بمضرة كتب الفلسفة وانحرافات الفلاسفة القدماء والمُحدَثين. اقرأ ما قاله في ذكر أحد الأسباب السبعة التي بعثته على تأليف كتابه "حجج القرآن":
"والثاني: ما تعلق بالذين معظم همهم المعقول من المنطق والفلسفة، فإنهم قد ابتلوا بعقليات سافلة زائغة عن طريق الفطرة والهدى، مفضية إلى الحيرة وصريح العمى، كما لا يخفى على من نظر في خزعبلات المتفلسفين العاشين عن نور الوحي والكتاب. ولذلك حذَّر السلف من الاشتغال به، ولكن أبى الناس إلا النظر فيه، والولوع به، والإخلاد إليه؛ ثم بعد التجربة عرفوا مضارها. فمنهم من أبطل بعض أباطيلها، وأبقى بعضها محسنًا به ظنه كأبي حامد رحمه الله، فإنه بيّن تهافت ما في إلهيات اليونانيين، ولكنه هو الذي أدخل منطقهم في الإِسلام، فكان كمن قتل الأفعى وربّى أولادها. وكذلك اتخذ أخلاقياتهم، وبنى عليها كتابه "ميزان العمل"، فلم يخرج عن اتباع الفلاسفة مع غلوه في ردهم. وأما ابن مسكويه والطوسي وأمثالهما فهم مجاهرون بتقليد اليونانيين في الأخلاقيات. ومنهم من انتبه لأكثر من ذلك كابن تيمية رحمه الله، فردّ على المنطقيين ردًّا طويلاً، ودل على زيغ نهج المتكلمين ... " (?).
ولكن الكتاب الذي ملك عليه عقله وقلبه هو كتاب الله الذي كان ألذ كتاب وأحبه إليه. وقد بدأ تدبره أيام طلبه في كلية عليكره، وانكشف له