فالآيتان ظاهرتان في تقدُّم خلق الأرض. وجعلُ "خلَقَ" بمعنى "قضى" ضعيف.

فأما قوله تعالى: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] فالمراد - والله أعلم -: ثم قال له: كن بشرًا حيًّا سويًّا. وهذا ظاهر.

فإن قلت: إنَّ تقدير الخلق سببٌ له، فلم لا يجوز إطلاقُه عليه مجازًا من إطلاق المسبَّب وإرادة السبب؟

قلت: الأصل الحقيقة، ولا يُعدل عنه إلا بدليل، ولا سيَّما والسياق يؤيد الحقيقة.

فإن قلت: فالدليل آية النازعات.

قلت: لا نسلِّم أنَّها تدلُّ على أنَّ بسط الأرض كان بعد خلق السماء. وذلك أنَّا نقول: إنَّ المراد بالدحو في قوله تعالى: {دَحَاهَا} إزالةُ شيءٍ كان على وجه الأرض يمنع إخراج مائها ومرعاها، بدليل أن الله تعالى فسَّره بذلك. قال تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا}.

وقد أشار في "المدارك" (?) إلى هذا. وهو كقوله تعالى قبل: {السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28)} وقد مرَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015