وقد افتتحها بقوله: "الحمد لله وسلام" كذا، فترك البياض، ولم يكمل الصلاة والسلام، ولا كتب مقدمة للرسالة. وكان رحمه الله كثير التعديل والتغيير في مسوداته، وقد يشرع في بحث فيكتب صفحة أو أكثر ثم يضرب عليها ويبدأ من جديد، ويفعل هذا ثلاث مرات أو أكثر، فلعله كتب في المرة الأولى الحمد والصلاة على وجه التمام، ثم بدأ التسويد من جديد فاختصر ومضى، وأجّل تكملته لوقت التبييض الأخير.
وفي مثل هذه الحالة لا يتوقع منه أن يترحم على الفراهي، وهو لم يكمل الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه لا يقتصر في ذلك على صيغة "صلَّى الله عليه وسلم" بل يلتزم إضافة "وآله" بعد "عليه".
الرسالة في نسختها التي بين أيدينا ليست كاملة، إذ وصل المؤلف رحمه الله في بيان ارتباط الآيات إلى قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] ففسر المقصود بالإكراه في الآية، وبيّن ارتباط الآية بما قبلها، ثم شغلته مناقشة ما يمكن إيراده على ما اتفق عليه المفسرون في معنى الجملة المذكورة، وانقطع الكلام. وكذلك أحال في موضع (ص 7) على "فوائد"، وهي غير موجودة في هذه النسخة، والظاهر أنه كان يريد تقييدها بعد إكمال الرسالة.
ثم ما الذي بعث الشيخ على تأليف هذه الرسالة، وهل كان ينوي بيان ارتباط الآيات في سور القرآن كلها على هذا النحو، أو أراد قصره على سورة البقرة فحسب، ولماذا اختار سورة البقرة وحدها؟ وهل وقف على تفسير البقاعي أو لا؟ لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة لأن الرسالة خالية من المقدمة، ولم نجد إشارة في أثنائها تُعين على ذلك.