وأنت تشتهيه، وتقوم عنه وأنت تشتهيه، يعني: بعد أخذ المقدار الذي تحْزُرُ أنَّه يكفيك.
الثَّاني: أن يقدَّر أكله، كأن يكون طعامه خبزًا مستويًا كل يوم، فيعلم أنَّه إذا أكل ثلاثة أرغفة أحسَّ بالضَّيق والثقل، وإذا أكل رغيفين ونصفًا لم يحسَّ بذلك.
والأمر الثاني لا يتيسَّر كلَّ وقتٍ، فالاعتبار بالأوَّل.
وعلى كلَّ حالٍ فينبغي للإنسان أن لا يستوفي القَدْر الذي يعلم أنَّه إذا زاد عليه كَظَّه، بل يدعُ فسحةً؛ لأنَّه قد يجِدُ طعامًا شهيًّا، فيختلُّ حسابه، بأن يأكل فوق حاجته، ويظنُّ أنَّه لم يفعل، وقد يجِدُ بعد الأكل فاكهةً أو نحوها فيشتهيها ولا يصبر.
فالحاصل: أنَّ مَن استوفي ثُلث الطَّعام، وجعل ذلك عادته كان معرَّضًا لأنْ يقع في الزَّيادة؛ فالحكمة تقتضي أن يعتاد النَّقص على ذلك.
واعْلم أنَّ الشَّبَع لا يتوقَّف استيفاءً على الثُلُث، بل يحصل بدُونه، وعلى ذلك يُحمَل ما يجيء في الأحاديث والآثار في أكل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وأصحابه حتى شبعوا (?).