فدَرَس ما بدَّلوا من الكتب المذكورة، ورفعه الله تعالى، كما دَرَسَت الصُّحف وكتب سائر الأنبياء جملةً. فهذا هو الذي قلنا، وقد أوضحنا البرهان على صِحَّة ما أوردنا من التَّبديل والكذب في التَّوراة والزَّبور، ونورد إن شاء الله تعالى في الإنجيل وبالله تعالى نتأيَّد. فظهر فساد تمويهِهِم بأنَّنا نُقِرُّ بالتَّوراة والإنجيل والزَّبور، ولم ينتفعوا بذلك في تصحيح ما بأيديهم من الكتب المكذوبة المبدَّلة. والحمد لله رب العالمين.
وأمَّا استشهادنا على اليهود والنصارى بما فيهما من الإنذار بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فحَقٌّ، وقد قلنا آنفًا إنَّ الله تعالى أطْلَعَهم على تبديل ما شاء رفعه من ذينك الكتابين، كما أطلق أيديهم على قتل من أراد كرامته بذلك من الأنبياء الذين قتلوهم بأنواع المُثُل، وكفَّ أيديهم عمَّا شاء إبقاءه من ذينك الكتابين حُجَّةً عليهم، كما كفَّ أيديهم اللهُ تعالى عمن أراد كرامته بالنَّصر من أنبيائه الذين حال بين الناس وبين أذاهم.
وقد أغرق الله قوم نوح عليه السلام وقوم فرعون نكالًا لهم، وأغرق آخرين شهادةً لهم، وأملى لقومٍ ليزدادوا إثمًا، وأملى لقومٍ آخرين ليزدادوا فضلاً، [ص 46] هذا ما لا ينكره أحد من أهل الأديان جملةً.
وكان ما ذكرنا زيادة في أعلام النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم الواضحة وبراهينه اللَّائحة، والحمد لله رب العالمين. فبطل اعتراضهم علينا باستشهادنا عليهم بما في كتبهم المحرَّفة من ذكر نبينا صلَّى الله عليه وآله وسلم.
وأمَّا استشهاد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم بالتوراة في أمر رجم الزاني المُحْصَن، وضرب ابن سلام رضي الله عنه يد ابن صوريا إذ جعلها