"الاعتصام" للإمام أبي إسحاق الشاطبي المالكي، صاحب كتاب "الموافقات" في أصول الفقه، و"الباعث في ذمِّ البدع والحوادث" للإمام أبي شامة الشافعي، و"المدخل" لابن الحاج المالكي، ورسائل أخرى، وفصول في بعض الكتب.
وأعظم ذلك وأجلُّه: كتاب "الاعتصام"، إلاَّ أنَّه كبير الحجم، تحرَّى مؤلَّفه رحمه الله أن يطيل البحث في كل فرع، ويذكر الوجوه المحتملة، وكيف يرجح بعضها على بعض، مع تطبيق ذلك على القواعد الأصولية، وكثيرًا ما يذكر الأحاديث والآثار, ولا يسندها إلى الكتب المعروفة، ولا يبيِّن حالها من الصَّحة وغيرها، فيكاد لا يستفيد منه إلاَّ كبار العلماء.
فأردتُ أن أجمع رسالة صغيرة أعتني فيها بتحقيق حقيقة البدعة المذمومة شرعًا، وأوضح ذلك بالحجج الصريحة، وأتحرَّى أن يكون البيان على وجه يفهمه أكثر طلبة العلم، ويشاركهم العامي الذكي في فهم كثير منه، ومِن الله سبحانه أستمد التوفيق والمعونة.
السُّنة في اللُّغة: الطريقة، وأكثر ما تستعمل في الطريقة المعنوية، يقال: سنَّ فلانٌ سنةً، أي: وقع منه أمر يتْبَعُه فيه غيره، ومن هذا سنن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وكثيرًا ما تطلق السُّنَّة ويراد بها مجموع السيرة، أي: "كل ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله وتقريره وما همَّ بفعله"، كما في "فتح الباري" ج 13 ص (191) (?).