وإنَّما اشتبه على الناس أمران:
الأول: في حكم صاحبه.
الثاني: في الطريق التي يُعْلَم بها في الأمر أنَّه بدعة.
فلنعقد لكل منهما بابًا.
فأما الأمر الأول فأصحاب البِدَع على أربعة أقسام (?):
القسم الأول: الذي يعلم أنَّ بدعته ليست من دين الإسلام الذي بلَّغه محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ربه، ومع ذلك فيزعم أنَّها ممَّا يحبُّه الله ويرضاه، فهذا قد جمع بين الكذب على الله والتكذيب بآياته.
أما الكذب على الله: فبزعمه أنَّ الله يحبُّ ذلك الفعل ويرضاه، وليس عنده من الله عزَّ وجلَّ برهان على ذلك، فقد اعترف أنَّه ليس من دين الإسلام الذي بلَّغه محمد - صلى الله عليه وسلم -.
فإمَّا أن يزعم أنَّ له أو لغيره أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله، وفي ذلك دعوى الرُّبوبية؛ لأنَّ شرع الدين من خواصها، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]. وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31].
وإمَّا أن يزعم أنَّه أو شيخه علم أنَّ الله عزَّ وجلَّ يحبُّ ذلك الأمر ويرضاه بإعلام الله تعالى، ففيه دعوى أنَّه أو شيخه نبي ورسول بشريعةٍ تَنْسَخُ بعض