ذكر الشاطبي في "الاعتصام" كثيرًا من الأحاديث والآثار عن الصَّحابة والتابعين والأئمة والصَّالحين، وأنا أرى الأمر أوضح من ذلك، فإنَّ البِدْعَة هي: "إلصاق أمر بالدين وليس من الدين"، وهذا ما لا يخالف عاقل في قبحه وذمَّه.
ولن تجد صاحب بدعة فتسأله عن بدعته، أمِنَ الدين هي في نفسها، أم هو جعلها منه = إلاَّ أجابك بأنَّها من الدين في نفسها، وإنَّما وقع الاشتباه فيما هو من الدين ممَّا ليس منه.
فأقول: لا خلاف أنَّ الدِّين وضعٌ إلهيٌّ، وأنَّ دين الحق - وهو الإسلام - هو ما وضعه الله عزَّ وجلَّ، وبلَّغه خاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -.
فلْنسأل صاحب البدعة: أرأيتَ هذا الأمر أَمِن الدَّين الذي بلَّغه محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ربَّه؟ فإن قال: لا، فقد انتهى الأمر.
وإن قال: نعم، قيل له: فاذكر لنا دليله.
وإن قال: لا أدري، وإنَّما أفعله احتياطًا، قيل له: أرأيتَ هذا الاحتياط أَمِنَ الدين الذي بلَّغه الرسول؟ فإن قال: لا، فقد كفانا شأنه، وإن قال: نعم، طالبناه بالدليل، وإن قال: لا أدري، وإنِّما أحتاط احتياطًا، أَعَدْنا عليه السؤال، وهكذا.
وإذا ذكر ما يراه دليلًا فهو على أضرب:
الضَّرْب الأول: ما ليس بشُبهةِ دليلٍ عند أهل العلم، مثل قوله: أنا أرى أنَّ هذا أمر حَسَن، وكالرؤيا، وكالتجربة ونحوها.