المتبادر: أنَّ كلَّ آيةٍ منها تشبه الأخرى، وهذا عامٌّ في آيات القرآن كُلِّها، كما قال تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا}.
فإنْ قيل: إنَّ هناك وجهًا تتشابه فيه الآيات التي يكون فيها ما يُتَوَهَّم خَلَلًا مختصَّة به، وهو تَوَهُّم الخَلَل في كُلِّ آيةٍ منها.
قلتُ: ولكنَّ هذا لا يكفي لتخصيصها بلفظ: {مُتَشَابِهَاتٌ}؛ فإنَّ المحكمات أيضًا فيها وجهٌ تتشابه فيه، وهو خاصٌّ بها، وهو أنَّه ليس في كُلٍّ منها خَلَلٌ، ولا ما يُتَوَهَّم خَلَلًا.
ويمكن أنْ يُقَال: كلُّ آيةٍ من المتشابهات متشابهةٌ في نفسها، على أن يكون المعنى: متشابهات معانيها، أي: يتشابه فيها معنيان، أو معاني، كما يُقَال: اشتبه عليَّ الأمر، أي: اشتبه صوابُه بخطائه، ويُقَال: اشتبه عليَّ الأمران، أي: لم تُميِّز بينهما.
فإنْ قلتَ: ولكنَّه لا يُقَال: تشابه عليَّ الأمر!
قلتُ: لا أستحضر شاهدًا لذلك، ولكن "اشتبه" و"تشابه" بمعنًى، قال تعالى: {مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 141].
وقد قال المولَّد (?):
رَقَّ الزُّجَاجُ ورَاقَت الخَمْرُ ... فتشَابَهَا وتَشَاكَلَ الأَمْرُ (?)
الشاهد في قوله: "وتشاكل الأمر".
فلنترك هذا ههنا، ولننظر في بقية الآية، لعلَّنا نجد فيها ما يبيِّن المقصود،