السؤال، فيَتَوَهَّمُ أنَّ القصد جهة الغرب، فإذا رجع إلى العدو الشرقيِّ أخبرهم بذلك، فيكفوا عن الاستعداد.

وبهذا أو نحوه فُسِّر ما جاء في "الصَّحيح" (?) أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد غزوةً وَرَّى بغيرها. وليس ذلك بكذبٍ. على أنَّ مِن شأن مَن يريد غزوةً أن يكتم قصْدَه، ويحرص على إيهام العدوِّ أنَّه لا يقصدهم، وهذا شِبْهُ قرينةٍ تُشكِّك في الإيهام المذكور.

ثانيها: الكلامُ الموجَّهُ، وهو الذي يحتمل معنيين فأكثر على السواء، وليس هذا أيضًا من الكذب في شيءٍ ألبتة.

ثالثها: أن يكون الكلام ظاهرًا في المعنى المراد، ولكنَّه صِيغَ مَصَاغًا يستخفُّ المُخَاطَب، فإذا استعجل فَهِمَ خلاف المقصود.

وقد نُقِل شيءٌ من هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -, كان ربّما تعمّده تأديبًا للمُخَاطَبِين، وتعليمًا لهم أن لا يستعجلوا في فهم الكلام قبل التروِّي فيه.

فمن ذلك: ما رُوِيَ أنَّ رجلاً سأله أن يحمِلَه على بعيرٍ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لأحملنَّك على ولد ناقةٍ"، فاستعجل الرجل وقال: وما أصنع بولد ناقةٍ؟! فقال: "وهل تَلِدُ الإبلَ إلاَّ النُّوقُ؟ " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015