وأمّا تأويل اللفظ: فالأصل فيه أن يحمل على معنى لم يكن ظاهرًا منه، فالكلام الذي لا يظهر معناه لكثيرٍ من سامعيه يكون بيان أنّ معناه كذا تأويلاً، والكلام الذي يظهر منه معنىً يكون بيان أنّ معناه غير ذلك الظاهر تأويلًا.
ويُطلَق على نفس المعنى الذي حُمِل عليه.
ويُطلَق على نفس الحقيقة التي عُبّر عنها باللفظ؛ فإذا قال المفسِّر في قوله تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: 25]، {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: 15]، {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، {سَأُرْهِقُهُ (?) صَعُودًا} [المدثر: 17]. "الحَرْدُ": المنعُ، "ويلٌ وغيٌّ وأثام": أوديةٌ في جهنم. و"صَعُودٌ": جبلٌ فيها. فحَمْلُه إيّاها على هذه المعاني هو التّأويل بالإطلاق الأوّل.
ونفسُ تلك المعاني هي التأويل بالإطلاق الثاني.
يُقال: ما تأويل الحَرْد؟ فيُقال: المنع، وما تأويل صَعُود؟ فيُقال: تأويله أنّه جبل في جهنم.
ونفس المنع، وتلك الأودية، وذلك الجبل: هي التأويل بالإطلاق الثالث.
ويحتمل الأوّل والثّاني دعاءُ النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: "اللهم فقِّهْهُ في الدّين وعلّمه التّأويل" (?).