الباب الأول: في معنى التأويل

التأويل في اللغة: مصدر أوّل يُؤوِّل، وأوّل فعَّل - بتشديد أوسطه - ثلاثيُّه آل يَؤوْلُ أوْلًا.

قال أهل اللغة: الأوْلُ الرجوع. وهذا تفسيرٌ تقريبي.

وأغلب ما تستعمل في الرجوع، الذي فيه معنى الصَّيرورة.

ومن أمثلة اللغويين: "طُبِخَ الشَّراب فآل إلى قَدْر كذا وكذا". ولذلك عدَّ بعض النُّحاة "آل" في الأفعال التي تجيء بمعنى "صار"، وتعمل عملها.

و"آل" قريبٌ من معنى "حال"، أي: تَحَوَّل من حالٍ إلى حال، وأكثر ما يقال: اسْتَحَال. وفي الحديث: "فاسْتَحالَت غَرْبًا" (?)، إلاَّ أنَّ "حال" و"اسْتَحَال" يختص بما تحوَّل إلى حالٍ غير ناشئةٍ عن حالهِ الأولى؛ و"آل" تكون حاله الثانية ناشئة عن الأولى، كقولك: "ربما تَؤُول البدعة إلى الكفر". أو ناشئة عما جُعل "آل" غاية له، كقولهم: "طُبِخَ الشَراب حتى آل إلى قَدْر كذا وكذا".

وفرقٌ ثان، وهو أنّ "حال" و"اسْتَحَال" قد يكون بسرعة، كما في الحديث: "فاسْتَحَالَت غَرْبًا". و"آل" يقتضي أنَّه بعد مُدَّةٍ، كما في "طُبِخَ الشَّراب"، أو ما هو كالمُدَّة، وذلك أن يكون في رجوع الشيء إلى الشيء بغموضٍ وخفاء، كقولك: إنّ إخراج النصوص الشرعية عن ظواهرها بمجرّد الرأي والهوى يؤول إلى الكفر؛ تريد أنَّه كفر، إلاَّ أنّ كونه كفرًا إنّما يُعْلَم بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015