يساويه فيه ويسدُّ مسدَّه، وإن اختلف في كثير من الأوصاف، وفي الحديث: "الحنطة بالحنطة مِثْلًا بمثل"، وأُريدَ به الاستواء في الكيل دون الوزن وعدد الحبات وأوصافها. ويمكن الجواب بأن مراده التساوي في الوجه الذي به التماثل".
والذي يتحرر أن المماثلة بين الشيئين على ضربين: تامة وخاصة.
فالتامة هي تساويهما في كل ما يمكن التساوي فيه مع التغاير، والخاصة هي التساوي في أمر خاص، كالفقه والكيل في المثالين السابقين.
والخاصة تأتي في الكلام على وجهين:
الأول: وهو الشائع الذائع كالمثالين السابقين.
والثاني: كأن يقال: هذا الطفل مثل ذلك الإمام في أنه يعلم، يعني: أن كلاًّ منهما يوصف بأنه يعلم مع صرف النظر عن مقدار العلم، ويقال: الذرة مثل الفيل في الجسمية، أي: أن كلاًّ منهما له جسم، والبعوضة مثل جبريل في أن لكلًّ منهما أجنحة.
إذا تقرر هذا فلا نزاع بين العقلاء أنه ليس لله تبارك وتعالى مِثْل مماثلة تامة، ولا خاصة بالوجه الأول، وأما بالوجه الثاني فإن الله تبارك وتعالى موصوف بأنه موجود، قائم بذاته، حي قدير مريد، عالم (?) حكيم، سميع بصير، إلى غير ذلك، ويوصَف الإنسان وغيره بهذه الأوصاف أو بعضها.
ويمكن أن يؤتَى بعبارة تفيد تمثيلًا خاصًّا بالوجه الثاني، ولكن لم يأت في الشرع إذنٌ بذلك، ولا استعمله العلماء فيما أعلم.