ولا يخفى أن المماثلة على هذا الوجه لا تستلزم المماثلة في قدر الوصف وصفاته، ولا في الصفات الأخرى للممثّل به, فلا يلزم أن يكون علم بكر مثل علم زيد في القدر وغيره من الصفات، ولا أن بكرًا مثل زيد في وصف آخر.
الوجه الثاني: المماثلة في الوصف بالنظر إلى مقداره مماثلة عرفية على سبيل المبالغة، كأن يقال: فلان مثل النخلة, أي: في مقدار الطول، أو: مثل الفيل، أي: في مقدار الجسم، وهذه لا يلزم منها المقاربة في المقدار، فضلاً عن المساواة الحقيقية فيه، فضلاً عما عدا ذلك من صفات الطول والجسم، أو من صفات النخلة والفيل، وإنما حاصلها أن فلانًا طويل جدًّا، أو ضخم جدًّا.
الوجه الثالث: مثل الذي قبله، إلا أنه على غير المبالغة، بل على غض النظر عن التفاوت اليسير عرفًا، كأن يقال: بكر مثل زيد في العلم، وأَعْرفُ رجلاً مثل زيد، أي: في الشكل والصورة، وهذه مماثلة عرفية، هي في التحقيق مقاربة فقط.
[ص 59] الوجه الرابع: تماثل الشيئين في الوصف أو في مقداره مماثلة حقيقية، كقوله صلَّى الله عليه وآله وسلم: "الذهبُ بالذهبِ مِثْلًا بمثل" (?) أي: في الزَّنَة.
فإن قيل: إن المماثلة الحقيقية قد يتعذَّر العلم بها، إذ قد يحتمل أن يكون في أحدهما زيادة مثقال ذرة - مثلًا - لا يظهر لها أثر في الميزان.