المتبادر أن المراد بالبناء على القبر ما يُبنى لأجل القبر، وهذا هو الذي فَهِمه العلماء، ونحن نعلم أن هذا هو الواقع، ولكن هذا لا يمنعنا أن نثير عليه شبهة لم نَر مَن تعرَّض لها؛ خشيةَ أن يُلَقّنها بعض المحرّفين فيلعب بها دورًا من أدوار التضليل قبل أن يُقيّض الله مَن يكشف عوارها، فرأينا أن نُثيرها لِنُنيرها؛ عملًا بقول أبي عُبادة (?):
إذا ما الجرحُ رُمَّ على فسادٍ ... تبيَّن فيه تفريط الطبيب
وللسهم السديد أشدّ حبًّا ... إلى الرامي من السهم المصيب
على أني أرجو الله عزَّ وجلَّ أن يجمع لي بين السداد والإصابة، فأقول:
قد يقال: لعل المراد بالبناء المنهي عنه هو ما يكون فيه انتهاك لحرمة القبر، كان يُبنى بيت للسكنى أو حائط ويجعل الجدار على متن القبر كما هو الحقيقة في البناء على القبر. ويؤيده قَرْنه بالنهي عن الجلوس عليها.
والجواب: أن الحديث مطلق، وجَعْل جدار الدار على متن القبر غير ممكن عادة؛ إذ لا بد للبناء من أساس، ومتن القبر لا يصلح أساسًا. وفي كون ذلك هو الحقيقة نظر؛ إذ قد يقال: إنما يكون حقيقة لو استغرق البناء جميع