ملحق - 5 -
في معنى التأويل
/ وأما التأويل فهو تفعيل من آل يؤول أوْلاً، رجع رجوعًا معنويًّا مخصصًا، كما في قولك: طُبخ الشراب فآل إلى قَدْر كذا، وجُفّف الرُّطب فآل إلى قَدْر كذا، واتجَّرَ فلان وكان رأس ماله عشرة دَراهم فآل به الأمر إلى أن صار أغنى أهل بلده، وطلب فلانٌ العلم وكان من بيتٍ خامل فآل به الأمر إلى الشَّرَف والنباهة، وعهدي بفلان وهو يطلب العلم ولا أدري ما آل إليه أمره؟
والحاصل أن (آل) قريب من (صار) إلا أنه اعتُبر في (صار) التقدُّم وفي (آل) الرجوع، وقد يصلح أحدهما مكان الآخر لكن باعتبار آخر. تقول: جُفّف الرطب فآل إلى قَدْر كذا، أو فصار إلى قَدْر كذا، فتعتبر في الأول أن الرطب كان مقبلًا على النمو فلما جُفّف رجع إلى النقص، وتعتبر في الثاني أن الرطب لما شُرِع في تجفيفه أقبل على النقصان فما زال متقدّمًا فيه حتى صار إلى ذلك القَدْر.
وكلما ضعف اعتبار الرجوع ضعف صلاحية (آل) تقول: صار الطفل شابًا, ولا تقل: آل. وتعدِّي (آل) بالتضعيف تقول: أوّلْتُ الشيء أي: جعلته آيلاً، تقول: جفّفتُ صاعًا من الرطب حتى أوّلته إلى نصف صاع. فتأويل الشيء هو جَعْله آيلًا.
فإذا أطلق التأويل في شأن الكلام فقد يُراد به: تأويل اللفظ، أي: جعله آيلًا إلى أن يتّضِح معناه، كأنه اعْتُبِر مقبلًا على الخفاء والغموض، فإذا فسَّرته فقد أرْجَعْتَه إلى الوضوح، وهذا مرادف التفسير، وهو صادق على التفسير