ألزم مثله في التشهد ونحوه.
وأما قولهم: "إن سلوك الأدب أولى من امتثال الأمر" [والاستدلال] بفعل الصديق، فهذا حيث كان المأمور به شيئًا يُخِلُّ بالأدب مع الأمر، وعُلِم أنه إنما أمر به تركًا لحقِّ نفسِه لا لمقتضٍ [آخر، فيكون] الأمر حينئذٍ لمجرد بيان الجواز، وحينئذٍ فيعارضُه حسنُ الأدب، فيتبين أن ذلك الفعل خلاف الأولى، وهذا هو الذي ... (?)، فإن فعله رضي الله عنه ليس حجةً، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُقِرَّه، بل قال عقِبَ ... بأنه يفعله.
[وإن كان الأمر] لمقتضٍ آخر غير ترك حقِّ النفس، فإنه يتعيَّن امتثال الأمر جزمًا، سواء كان ذلك المقتضي يقتضي الوجوب أو .... فعدمُ امتثالِه مكروه أو خلاف الأولى، فيعارض حسن الأدب الذي تركه خلاف الأولى، مع أن مجرد عدم الامتثال ..... حينئذٍ، فيقابل سوء الأدب بسوء الأدب، ويترجَّح جانب الامتثال بالمقتضي الآخر. بل إذا تحقق المقتضي الآخر ... سوء الأدب أصلاً.
إذا تقرَّر هذا فعدم التسييد في الصلاة الإبراهيمية ونحوها .... لأن المقام مقام دعاء الله سبحانه وتعالى، وهو يقتضي إفراد التعظيم له من كل وجه، مع ما يشير إليه حديث: [لا تسيِّدوني في] الصلاة، ويظهر من هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحبَّ أن لا يكون ذكره الملابس لذكر الله عزَّ وجلَّ كالصلاة ... عن أوصاف المدح الظاهرة، بل يُكتفَى فيه بما يكتفى به في ذكر سائر العباد. وهذا حسنُ أدبٍ منه وتواضعٌ لربه عزَّ وجلَّ .... لربه، ولم يتركه لنا حتى يسوغ لنا عدمُ الامتثال كما ساغ للصديق. فافهم الفرق.